تمكنت دراسة حديثة من كشف سرّ تكاثر فطر الكمأ الأسود، وتوضّح أنّ الفطر
إما أن يكون ذكرا أو أنثى، وأنّ تناسله لا يتمّ إلا عن طريق الاتصال
الجنسي، وهو ما يجعله مميزا عن باقي الفطريات التي يمكنها تخصيب نفسها
بنفسها والقيام كذلك بالتكاثر بلا تزاوج.
------
كشف بحث جديد عن السر الذي يقف وراء الحياة الجنسية المعقدة لفطر الكمأ
البري الأسود، ذلك الفطر النادر الذي يحظى باهتمام من جانب الطهاة في جميع
أنحاء العالم، وهي الخطوة التي ربما تساعد الآن على توافر هذا الطعام الشهي
بأسعار معقولة.
وذكرت اليوم في هذا السياق صحيفة التلغراف البريطانية أن الإنسان ظل يستخدم
هذا الفطر على مدار آلاف السنين كمادة مثيرة للشهوة الجنسية، لكن على ما
يبدو أن ذلك الكمأ الأسود ربما يحتاج إلى مساعدة نفسه بصورة قليلة، عندما
يتعلق الأمر بالتزاوج واتضح أن ذلك الفطر، الذي ينمو تحت سطح الأرض على
جذور أشجار البلوط، تصعب زراعته بشكل كبير.
وقد ظل السبب الذي يقف وراء ذلك الأمر غامضاً على مدار سنوات، كما لف الغموض الطريقة المحددة التي ينتشر من خلالها الفطر.
وقد نجح الباحثون الآن في حل ذلك اللغز، بعد أن وجدوا أن الفطر إما أن يكون
ذكرا أو أنثى، وأنهم لا يتناسلون إلا عن طريق الاتصال الجنسي. وهو ما
جعلهم مميزين عن باقي الفطريات التي يمكنها تخصيب نفسها بنفسها والقيام
كذلك بالتكاثر بلا تزاوج.
ولجعل الأمور أكثر صعوبة، يميل الفطر لأن يكون منعزلاً في المستعمرات
أحادية الجنس التي تنمو وتفصل بينها عدة أمتار. ولفتت الصحيفة في الإطار
ذاته إلى أن النتائج قد امتدت لشرح الأسباب التي تجعل هذا الفطر البري نادر
الوجود للغاية، وبالتالي غالي السعر للغاية.
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن مزارعي الفطر في إيطاليا وفرنسا يتمتعون
بنجاح متنوع عندما يحاولون تلقيح جذور أشجار البلوط الصغرى بفطر الكمأ.
وأشارت كذلك إلى أن الأمير فيليب، الذي ينفق خمسة آلاف إسترليني على أشجار
مُلقحة خصيصاً على أمل إنماء الكمأ الأسود في ساندرينجهام، قد أُحبِِط
بالنتائج التي تحققت وطلب مختصين مطلع الشهر الماضي لمساعدته في هذا الأمر.
ونتيجة لصعوبة إنماء هذا الفطر، ارتفعت أسعاره، لدرجة أنها قد تزيد عن 100 إسترليني للعينة الواحدة.
لكن د. فرانسيسكو باولوتشي، الذي قاد الدراسة الأخيرة في معهد علم الوراثة
النباتي في بيروجيا في إيطاليا، قال إن النتائج التي توصل إليها طاقمه
البحثي من الممكن أن تساعد على زيادة المحصول السنوي للفطر، ومن ثم تخفيض
سعره.
وتابع باولوتشي في هذا السياق بقوله " وقد اكتشفنا أن الأشجار الفردية لا
تُستَعمر إلا بجنس واحد من الفطريات. وحتى حين بدأنا بمستعمرة مختلطة،
سرعان ما سيطر عليها أحد الجنسين أو الجنس الآخر.
ولكي تقوم بإنتاج الفطر، عليك أن توفر السلالتين الجنسيتين المختلفتين
بطريقة ما، لكنهما قد تكونان بعيدتين عن بعضهما البعض نوعاً ما. ونعتقد أن
الحيوانات الطبيعية، مثل الكلاب أو الخنازير، أو الحشرات، يمكن أن تحمل
الجراثيم من مستعمرة لأخرى، وهو ما سيسمح بحدوث التزاوج.
ولزراعة الفطر بنجاح، لابد من الاهتمام بشكل أكبر بالنشاط الجنسي للكمأ
الأسود عند زراعته لضمان وجود مزيج غير متحيز لحقول الكمأ". ومضت الصحيفة
تقول إن موسم حصاد هذا الفطر عادةً ما يكون في فصل الخريف أو فصل الشتاء،
ويمكن أن يبلغ قطره ثلاث بوصات، ويبلغ وزنه ما يصل إلى ثلاث أوقيات.
ويستعين الأشخاص الذين يبحثون عن الفطر بالخنازير، التي تتمتع بأنوف حساسة
للغاية، أو الكلاب، لكي يتمكنوا من قنص الفطر اللاذع من تحت سطح الأرض.
وقد سمحت الاختبارات الجينية للعلماء بالبدء في بناء صورة لأنماط تزاوج
الفطريات، وقام علماء إيطاليون مطلع العام بإجراء تسلسل للجينوم الكامل
للكمأ الأسود. وبحسب ما ذكره الاتحاد الفرنسي لمزارعي الكمأ، فإن 30 % فقط
من الأشجار التي تم تلقيحها بفطر الكمأ، ستُنتِج محصولاً. ونقلت الصحيفة في
ختام حديثها عن ميشال كورفوازيييه، مدير الاتحاد، قوله :" ليس لدينا إجابة
محددة بشأن السبب الذي يقف وراء هذا الأمر. لكننا نأمل أن تسمح لنا تلك
الاكتشافات الجديدة ( مثل الجينات الخاصة بالتزاوج ) بأن نفهم الأسباب التي
تجعل النباتات غير منتجة في بعض الأحيان"
اللسان ليس عظاماً لكنه يكسر العـظام
الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف