قد يكون السكري أحد الأمراض التي يصعب الشفاء منها وتستمر مع المريض بقية
حياته، لكن السيطرة عليه ممكنة ويتطلّب التحكّم فيه تعديل أسلوب الحياة
بهدف خفض نسبة السكر في الدم. في ما يلي ست خطوات سهلة للسيطرة على هذا
الداء.
1 - حمية غذائيّة صحّية
تبدأ السيطرة على مرض السكري باتباع نظام غذائي صحي مناسب، لا يعني ذلك
الخضوع لحمية قاسية أو خاصة بالسكري، إذ يستطيع مريض السكري، على غرار
غالبية الناس، تناول أطعمة متنوّعة حسب ذوقه وميوله، مع تنظيم الوجبات
والتركيز على الأطعمة القليلة الدهون وتناول كميات معتدلة من البروتينات
(اللحوم المختلفة، الحليب، الجبن، منتجات الألبان المختلفة، البيض...)
بالإضافة إلى تناول الكميات الموصى بها من الأطعمة الغنية بالألياف
والسكريات المركبة البطيئة الاحتراق.
إحداث تغييرات في النظام الغذائي دفعة واحدة أمر صعب وشاق واحتمالات الفشل
وعدم القدرة على الاستمرار فيه كبيرة، لذلك يمكن البدء بتغييرات قليلة
وبسيطة كزيادة استهلاك الألياف ثم تخفيف الدهون، فمجرد القيام بهذين
التعديلين يعني البدء بضبط معدّل السكّر في الدم.
2 - العلاجات الطبيعيّة
قد تساعد الفيتامينات والمعادن والأعشاب وغيرها من المواد الطبيعية في
السيطرة على السكّري وتحسين نوعية الحياة، ذلك أن للعناصر المغذية قدرة
شفائية مدهشة يمكن بواسطتها التحكّم بنسبة السكّر في الدم والوقاية من
مضاعفات هذا المرض وتخفيف الحاجة إلى الأنسولين.
وإحدى الطرق الموثوقة لضبط معدل السكري في الدم الحصول على ما يكفي من
مضادات الأكسدة الموجودة في الطعام والمكملات الغذائية التي ينتجها الجسم
نفسه. من أبرز مضادات الأكسدة التي تعتبر مهمة للمصابين بمرض السكري:
البيتا- كاروتين، الكاروتينويدات الأخرى، فيتامينا C و E، مضادات الأكسدة
الخاصة على غرار حمض ألفا – ليبويك والأنزيم المساعد ( CoQ10)... تعمل هذه
المضادات على محاربة الجذور الحرة وزيادة القدرة الوقائية. اكتشف العلماء
أن معدلات مضادات الأكسدة لدى المصاب بالسكري منخفضة ما يؤدي إلى ضعف في
المناعة وخطر الإصابة بالأمراض.
3 - فحص معدّل السكّر
تساعد الفحوص المنتظمة لنسبة السكّر في الدم على المتابعة والتأكد من
السيطرة على المرض، وتسمح هذه المراقبة الذاتية بالتحديد الفوري للتغيرات
التي تحدث في الجسم نتيجة تناول الطعام أو ممارسة نشاط ما، بناء على ذلك
تُتخذ الخطوات العلاجية المناسبة.
تؤكد هذه الخطوة أنواع الفحوصات الواجب الخضوع لها والطريقة الملائمة
لإجرائها وتتطلب معرفة كيفية التعامل في حال ارتفع أو انخفض السكر في الدم
بصورة كبيرة.
4 - اكتساب اللياقة البدنيّة
من شأن ممارسة النشاط الرياضي بكثرة السيطرة على مرض السكري والتحكّم به.
يحدث الجمع بين نوعين من التمارين الرياضية، على غرار الأيروبيك وتمارين
تقوية العضلات، أثراً أشبه بالمعجزة، ذلك أنه يعيد نسبة السكر في الدم إلى
معدّله الطبيعي.
عموماً، لممارسة أنواع الرياضة المعتدلة تأثير إيجابي على الجسم، فهي تقوي
قدرته على التحمّل وتحفّز نشاط الأنسولين الطبيعي، كذلك تساعد الرياضة
الإيقاعية خلايا المريض على إدخال الغلوكوز إليها والجسم على التخلص من
الدهون. تؤدي ممارسة التمارين الرياضية بانتظام إلى تخفيض جرعات الأنسولين
أو الاستغناء عن الأدوية التي تخفض نسبة السكري.
5 - الالتزام بالدواء
تناول الدواء حسب توصيات الطبيب أمر ضروري، إذ لا يقوم جسم المريض بالنوع
الأول من السكّري على إنتاج الأنسولين لذلك من الضروري الاستمرار بإجراء
حقن الأنسولين، كذلك من الضروري للمريض بالنوع الثاني تناول أدوية تخفّض
نسبة السكري إذا فشلت الحمية الغذائية والرياضة في ضبط معدله في الدم. يجب
التنبه إلى أن أدوية السكري من النوع الثاني تعتبر ثانوية وليست بديلاً
للنظام الغذائي والتمارين الرياضية.
من المهم أن يفهم مريض السكري طبيعة الدواء الذي يتناوله ومواعيد تناوله
وآثاره الجانبية وكيفية إبقاء السكري تحت السيطرة وتجنّب المضاعفات.
6 - التغلّب على الضغط النفسي
تتغير حياة المرء عندما يكتشف إصابته بمرض السكري، قد تبدو عملية السيطرة
على هذا المرض صعبة وتثير التوتر والقلق والإحباط. تستهلك الأحاسيس السلبية
الطاقة وترفع نسبة السكري في الدم إلى أقصى حدّ، المبدأ هو أن يتحكّم
المريض بنسبة السكري ولا يسمح لهذا الأخير بالتحكم به. تتطلب هذه العملية
تدعيم الصحة النفسية والعاطفية لتحريك قدرة المريض على التعايش مع السكّري،
ما يقوده إلى إدارة حياته بنجاح.
لم يتمكّن العلماء من فهم العلاقة بين الحالة النفسية وتطوّر مرض السكري
فهماً كاملاً، لكن السيطرة على الانفعالات النفسية جزء من أسلوب الحياة
الصحي. الواضح للعلماء أن تخفيف الضغوط النفسية والتغلّب على الإحباطات
يساعدان في السيطرة على مرض السكّري.
نصائح الخبراء
تعتبر الجمعية الأميركية لمرض السكري المنظّمة الصحية التطوعية الرئيسة في
الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم الأبحاث حول السكري وشؤون التوعية،
مهمتها الوقاية من هذا المرض والبحث عن علاج له وتحسين حياة المصابين به.
فيما يلي نصائح الجمعية للاطلاع على المزيد عن مرض السكري:
- طرح أسئلة على الطبيب المعالج واختصاصي التغذية تتعلق بدقائق الأمور
وتفاصيلها وتتمحور حول أسلوب الحياة الملائم، جدول العمل اليومي، النشاط
والتمارين الرياضية، التغذية والأطعمة المفيدة والمضرّة، الأنشطة العائلية
والاجتماعية والثقافية.
- تدوين الأسئلة والاستفسارات والنقاط الصغيرة المراد معرفتها وتجهيزها
لمناقشتها مع الطبيب المختص كي لا يتم نسيان أي تفصيل مهما كان بسيطاً.
- الاطلاع قدر الإمكان على كل ما كتب ونشر في السنوات الأخيرة عن مرض
السكري وما يتعلق به من الأكل الصحي والأنشطة الرياضية. التوعية حول هذا
المرض مهمة وكلما زادت المعرفة تحسنت الصحة في الحاضر والمستقبل.
- تطبيق المعرفة والمعلومات التي تم الحصول عليها عملياً، فقد يمنع إبقاء
معدل السكّر في الدم على حدود معدله الطبيعي ظهور مضاعفات السكري أو
يؤخرها.
- الانضمام إلى المنظمات والهيئات الصحية التي تهتم بمرض السكري وتؤمن أحدث
المعلومات حول العلاجات الجديدة المتوافرة من دون مقابل. تساعد هذه
المعلومات على التعامل الصحيح مع المرض والسيطرة عليه.
- يساهم اقتناء المجلات المتخصصة التي تهتمّ بنشر الأخبار عن هذا المرض
وأحدث التطورات والأبحاث المتعلقة به في معالجة الأمور الصغيرة والتفاصيل
اليومية في ما يتعلّق بتنظيم برنامج التغذية والتمارين الرياضية التي تحافظ
على الصحة وتشجع على المثابرة في الوقاية والانتظام في العلاج المقترح.
- من الصعب على مريض السكري أن يستوعب كل المعلومات التي يحتاج إليها والتي
تتعلق بمرضه في السنة الأولى من إصابته، لكن الحصول على المعلومات تدريجاً
ولو معلومة واحدة شهرياً مفيد على المستوى البعيد.
- تقدّم شبكة الإنترنت معلومات كثيرة عن مرض السكري من مواقع مختلفة، لكن
يجب الحصول على المعلومات من مصادر موثوقة وعلى درجة عالية من المصداقية.
- لدى حدوث تغيرات في نظام الحياة كالدخول إلى الجامعة أو الحصول على عمل
جديد أو المشاركة في أنشطة جديدة أو حدوث حمل أو قضاء العطلة في أماكن
بعيدة أو تغير الطقس أو التقاعد أو الإصابة بأمراض أخرى... تصبح الحاجة
ضرورية لتعلم كيفية تكييف العلاج مع الوضع الجديد. يجب استشارة الطبيب
الاختصاصي واختصاصي التغذية قبل تطبيق التغيير في نظام الحياة.
ثق بنفسك وقدراتك
تستطيع السيطرة على مرض السكري ما دمت ملتزماً بالحمية الغذائية الصحية
والمكملات الغذائية الضرورية وتمارس التمارين الرياضية المعتدلة بانتظام
وتهتم بالاعتناء بنفسك وتأمين الاستقرار العاطفي والتخلّص من الضغوط
النفسية. كلما تمت السيطرة على هذا المرض والوقاية من مضاعفاته مبكراً زادت
فرص التمتع بحياة طبيعية صحية سعيدة.