توفير الخدمات الصحية والرفاه في سن الشيخوخة
الصحة الجيدة ميزة فردية حيوية الأهمية. كما أن لارتفاع المستوى الصحي للسكان أهمية قصوى في النمو الاقتصادي للمجتمعات وتنميتها. ولم تنعم البشرية جميعها بعد بكل فوائد العيش حياة طويلة مفعمة بالصحة، والدليل على ذلك أن بلدانا بكاملها، وخاصة البلدان النامية وبعض الفئات السكانية ما زالت تواجه معدلات مرتفعة للوفيات والأمراض في جميع الأعمار.
لكبار السن الحق في الحصول على خدمات الوقاية والعلاج بما في ذلك خدمات التأهيل ورعاية الصحة الجنسية. ويقتضي تزويد كبار السن بجميع سبل الحصول على الرعاية والخدمات الصحية، التي تشمل الوقاية من الأمراض، والتسليم بأن أنشطة تعزيز الصحة والوقاية من المرض في جميع مراحل الحياة يجب أن تركز على المحافظة على الاستقلالية والوقاية وتأخير الإصابة بالمرض وعلاج الإعاقة وعلى تحسين نوعية حياة كبار السن الذين يعانون أصلا من الإعاقات. وينبغي أن تشمل الرعاية والخدمات الصحية التدريب الضروري للموظفين والمرافق اللازمة لتلبية الاحتياجات الخاصة للسكان المسنين.
وتعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها حالة من السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية التامة، لا مجرد عدم وجود المرض والاعتلال. ويتطلب الوصول إلى مرحلة الشيخوخة في حالة من السلامة والعافية بذل جهد فردي في جميع مراحل الحياة، ووجود بيئة مؤاتية لنجاح تلك الجهود. وتتمثل مسؤولية الأفراد في اتباع أسلوب صحي في الحياة، ويتعين على الحكومة إيجاد بيئة داعمة تساعد على النهوض بالصحة والسلامة حتى مرحلة الشيخوخة. ومن الضروري، لأسباب إنسانية واقتصادية معا، تزويد كبار السن بنفس القدر من الرعاية الوقائية والعلاجية والتأهيل الذي تحصل عليه الفئات الأخرى. وفي الوقت ذاته، لا بد من توفر خدمات صحية يكون الغرض منها تلبية الاحتياجات الخاصة لكبار السن، مع مراعاة إدخال طب الشيخوخة في المقررات ذات الصلة في الجامعات وأنظمة الرعاية الصحية، حسب الاقتضاء. وإلى جانب الحكومات، هناك جهات فاعلة أخرى هامة، وبوجه خاص المنظمات غير الحكومية والأسر، تقدم الدعم للأفراد في المحافظة على اتباع أسلوب صحي في الحياة مع التعاون بشكل وثيق مع الحكومات في تهيئة بيئة داعمــة لذلك.
وفي الوقت الراهن، تمر مناطق العالم كلها بفترة انتقال من حيث انتشار الأوبئة، وتشير إلى وجود تحول من انتشار الأمراض المعدية والجرثومية إلى انتشار الأمراض المزمنة والانتكاسية. بيد أن العديد من البلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقال تتحمل عبئا مضاعفا يتمثل في مكافحة الأمراض المعدية سواء ما جد منها وما عاد إلى الظهور، كفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، والسل، والملاريا، في نفس الوقت الذي تواجه فيه خطر الأمراض غير المعدية المتعاظم.
وتتطلب الحاجة المتنامية إلى توفير الرعاية والعلاج لكبار السن سياسات ملائمة. ويمكن أن يؤدي عدم وجود هذه السياسات إلى زيادات كبيرة في التكاليف. وبوسع السياسات التي تشجع أساليب الحياة الصحية بما في ذلك تعزيز الخدمات الصحية وتدابير الوقاية من الأمراض، والتكنولوجيات المساعدة، وخدمات الرعاية في مجال التأهيل، متى اقتضى الأمر ذلك، وخدمات الصحة العقلية، وتعزيز أساليب الحياة الصحية وتهيئة بيئات داعمة، أن تخفّض مستويات العجز المقترن بالشيخوخة، وتحقق وفورات في الميزانيات.